البوابة
أحدث الصور
شغف معارضات الشعراء للمليــــــحة خمار آخــــــر
ملحق ثقافي
30/5/2006
محمد عيد الخربوطلي
محمد بن حيدر بن علي هو الآخر عارض أبيات الدارمي ولكنه ذكر أن لون الخمار معصفر فقال أبياتاً منها:
يا شمس ها شفق الشروق فأسفري قل للمليحة في القناع العصفري عن روضٍ ورديّ اللباس المزهر أو ما اكتفيت بورد خدك روضة عن مِغفرٍ قد ضم هامة قيصر هذا القناع سما بفرقك مَفخراً إلى آخر الأبيات وكلها شكوى إلى من أسرت قلبه وأخذت عقله وفتنته ولكنه عبر بالقناع بدل الخمار. وهذا علي بن أحمد بن معصوم شبه القَباء باللون الأطلس وهو لون ما بين الأبيض والأسود يشبه لون الذئب وابن معصوم من شيراز ولكنه ولد بمكة وله مؤلفات منها ديوان شعره وسلافة العصر في محاسن أعيان العصر وهو من القرن السادس الهجري يقول: أفسدت عقل أخي التقي المتقدّس قل للمليحة في القَباء الأطلس حتى برزت لنا بأبهى ملبس أو ما كفاك لباسُ حسنك والبها فرضاك فرض يا حياة الأنفس إن كان لا يرضيك إلا فتنتي غرضاً لأسهم مقلتيك فقرطسي هذا محبك ناصباً أحشاءه ومن المعروف أن الخمار غير القباء والجامع بينهما أن الخمار يتخمر به والقباء يتمنطق به، فكلاهما مشتمل على غيره، فالقباء ثوب يلبس فوق الثياب ويتمنطق به. هذا شاعر الأحساء أحمد بن علي الوهيـبي التميمي المتوفى 1285هـ كان قاضياً ولا يرى حرجاً في تغزله فعارض الدارمي وغير الخمار بالقميص والأسود بالأحمر فقال قصيدة منها: ماذا فعلت بعابد مستبصر قل للمليحة في القميص الأحمر عن ذكر كل غزالة أو جؤذر ترك الصبابة للصِّبا متسلياً فانجاب عن بدر منير مقمر حتى وضعت عن محيّاك الغطا ووقفت وقفة مولع متحيّر فدهشت من ذاك الجمال وحسنه شجناً فقلّ تجلدي وتصبري حسن به شغف الفؤاد وهاج لي نلاحظ من شعره أنه لم تعترضه مليحة بقميص أحمر ولكنه قام بمعارضة الدارمي فشعره شعر العلماء الذين يصفون من الداخل. ويذكر ياقوت الحموي في معجمه للبلدان أن منتجب الملك محمد بن أرسلان عارض أبيات الدارمي بعدة أبيات ومنها في وصفه للخمار باللون الأحمر فيقول: لا تجهري بدمائنا وتستري قل للمليحة في الخمار الأحمر فملكتها بتعسف وتجبر مُكنت من حب القلوب ولاية أو تمنعي حقاً فمن ذا يجتري إن تنصفي فلك القلوب رعية فترفقي بمسخّر ومسحّر سخرتني وسحرتني بنوافث وكذلك الشاعر اللبناني المهجري إلياس طعمة توفي 1360هـ يعارض أبيات الدارمي ويصف المليحة مرتدية ثياباً حريرية حمراء ولكنه تمسك بمطلع الشعر فقال: ماذا فعلت بشاعر متكبر قل للمليحة في الحرير الأحمر واليوم يرعى منك عشق الجوهر قد كان يرعى النجم في فلك العلا وقال: بالله يا حسناء لا تتكبري فإذا رأيت من المحب تذللاً ويقول محمد العيد الخطراوي شاعر حجازي معاصر في ديوان همسات في أذن الليل بعد أن تعلق بشعر الدارمي فعارضه بأبيات يصف الخمار فيها باللون الأزرق: ماذا فعلت بناسك مستغرق قل للمليحة في الخمار الأزرق حتى وقفت له بكل تأنق قد كان شمر للصلاة ثيابه ولكن هناك شعراء عارضوا أبيات الدارمي ولكن تخلصوا من المطلع قل للمليحة فهذا الشريف المرتضى يقول المليحة شيئاً آخر فيصدر معارضته بقوله: يصبغ الشيب ظلما خضب ولقد قلت للمليحة والرأس ليس بدعاً صبابة ومشيب لا تريه مجانباً للتصابي والشاعر يحيى توفيق حسن له قصيدة بعنوان ذات الرداء الفستقي يعارض فيها قصيدة صديقه الشاعر الليبي راشد الزبير السنوسي الذي أهداه إليه بعنوان الرداء الفسدقي عام 1962م وقال الفسدقي ولم يقل الفستقي فعارض قائلاً: ومتيماً بهوى الشباب الرَيّق يا عاشقاً ذات الرداء الفسدقي والآه تفضح لوعتي وتشوقي ذكرتني ليل الصبابة والجوى ووجيت قلبي بالشجا المتدفق ذكرتني سهدي وأوهام الرؤى ويقول فيها: حتى ذوى مني بشابي الريق أضنت فؤادي بالصدود وبالجفا ونقول أخيراً… في جميع الأحوال يبقى الفضل للسابق على اللاحق، فمقطوعة الدارمي حركت ملكات الشعراء وبعثتهم على محاولة للاحتذاء ودفعتهم إلى الإبداع فقالوا شعراً عارضوا فيه شعره أو قلدوه أو احتذوه.
